تخبركِ إحدى الصديقات عن فرصة عمل في لبنان.

يخبرونكِ بأنّه عمل سيعود عليكِ بأجرٍ جيد بالدولار الأميركي.
تبدأين على الفور بالتخطيط للمستقبل: ستبنين منزلاً، ستتابعين تعليمك وسترسلين أطفالكِ إلى المدرسة كذلك، وربما تتمكنين من ادّخار القليل من المال لنفسك.

تلتقين بوسيط،

يعدُكِ براتب محترم مع تأمين مكانٍ للسكن في وظيفة بساعات عمل مرنة.
لكن أولاً، سيتوجب عليكِ أن تدفعي بضع مئات من الدولارات مقابل تخليص المعاملات والأوراق الرسمية.

تصلين إلى البلد المضيف،

وتقابلين أصحاب العمل.
توقّعين عقداً آخر، هذه المرة باللغة العربية التي لا يمكنكِ قراءتها أو فهمها، لكنهم يقولون لك إنه نفس العقد الذي قمتِ بتوقيعه في بلدك من قبل.
يأخذ صاحب العمل جواز سفرك منكِ.
يقول لكِ أنه يريد “حفظه في مكان آمن”.
يراودكِ شعورٍ بعدم الأمان والشك، لكن لا يمكنك فعل أي شيء.

تتعرفين على عملك،

فتصابين بخيبة أمل هائلة.
إنه لا يشبه أبداً ما وصفوه لكِ من قبل.
لقد وعدوكِ بدوام عمل مكون من 8 ساعات يومياً لـِ 6 أيام في الأسبوع، ومقابل راتب قدره 300 دولار أميركي في الشهر الواحد.
لكنّكِ في الحقيقة تعملين لنحو 12 ساعة في اليوم لـِ 7 أيام في الأسبوع، فيما تتقاضين نصف المبلغ الموعود، وأحياناً لا تتلقين أجركِ على الإطلاق.

لا يمكنكِ تغيير صاحب عملك.

في الواقع، أنتِ بحاجة إلى إذنه الصريح لنقلِ عملكِ إلى مكان آخر أو لإنهاء توظيفك.

أنتِ الآن بلا أية أوراق ثبوتية،

وصارت إقامتك في البلد غير قانونية.
تبدأين بالعمل في الخدمة المنزلية بشكل حرّ في بيوتٍ متعددة.
تتولّين عدة مهمات مجتمعة في اليوم نفسه لتستطيعي تحصيل أجر لائق يكفيكِ.
بتِّ تخشين من أن توقفك السلطات، فتتوخين الحذر الشديد في كلّ تحركاتك.
وفي الليل، تنصرفين إلى النوم في غرفة مزدحمة بعاملات مهاجرات مثلك.
أما عندما تحلّ جائحة كورونا، فتجدين نفسك بلا عمل، غير قادرة على دفع الإيجار أو شراء الطعام، ناهيكِ عن إعالة أسرتك في بلدك الأم.

ليس لديك أية أيام إجازة،

ومع ذلك، يغالبكِ شعور بأنّ اللجوء إلى الشرطة ليس آمناً.
تحاولين العثور على مساعدة ما عبر الإنترنت، حيث ينصحكِ صديق بالاتصال بجمعية تقدّم العون للعاملات المنزليات المهاجرات.
عندما تتمكنين من التواصل معهم وشرح وضعك الحالي لهم، يقولون لك أن أفضل خيار لديكِ هو الاتصال بسفارتك.

تتمكنين من الاتصال بالسفارة،

كلّ ما تقوله لكِ هو حقيقة أنكِ وقعت عقد عملٍ ملزم، وبالتالي يجب عليكِ البقاء في عملك الحالي حتى انتهاء العقد.
تسجّل السفارة اسمك، لكنهم ينصحونك بالتفاوض مع صاحب عملك من أجل الحصول على تسويةٍ ما.
لا تشعرك إجاباتهم بأنكِ قد تلقيتِ مساعدةً حقيقية.

تقررين البقاء مع كفيلك وصاحب عملك الحالي،

أنتِ مرهقة بسبب ساعات العمل الطويلة، وفي نفس الوقت تتقاضين أجراً يقلّ بكثير عن قيمة عملك.
تتمكنين من حين إلى آخر من إرسال بعض المال إلى عائلتك في بلدك، لكن لا يتبقّى لديكِ إلا اليسير.
تمر سنتين وفور انتهاء عقد عملك، تعودين إلى وطنك، لكنكِ سرعان ما تعاودين التفكير في السفر مجدداً لأنك بحاجة إلى دخل. لم يتسنَّ لكِ خلال هذا الوقت تعلُّم أي مهارة جديدة تعيلين بها نفسك، كما أنكِ لا تملكين رأس المال اللازم لتأسيس أي عمل تجاري صغير أو مشروع خاص.

تقومين بتسجيل اسمك في السفارة لتعودي إلى بلدك الأم،

لكن عندما يحين دوركِ يعلمونكِ أن أصحاب عملك السابق كانوا قد رفعوا ضدكِ دعوى قضائية عندما هربتِ من منزلهم، فهم يتهمونك بسرقة مبلغ كبير من المال منهم.
يبلغكِ موظفو السفارة باستحالة إمكانية سفرك لحين تسوية الدعوى القضائية بشكل نهائي.
ليس لديك أية أموال لتوكيل محام أو لدفع غرامة.
لا يسعكِ إلا البحث عبر الانترنت عن أشخاصٍ واجهوا نفس مشكلتك.

تجدين الدعم أخيراً في المركز المجتمعي للعاملات المهاجرات،

فهم يوفّرون لكِ الطعام والسكن، بالإضافة إلى صحبة أشخاصٍ مرّوا بتجربة مماثلة لتجربتك.
سرعان ما تتعلمين مهاراتٍ جديدة كصناعة الصابون والمحاسَبة، كما تتطوعين لمساعدة الآخرين.
يقدم لكِ المركز الاستشارة والمساعدة القانونية لتدافعي عن نفسك في الدعوى القضائية.
أخيراً، يتم إسقاط الدعوى، فتحصلين على تذكرة سفر للعودة إلى بلادك.

عدتِ إلى وطنك.

لكن لم تتمكني من ادخار المال.
لقد مررتِ بتجربة مليئة بالاستغلال والمتاعب.

لديكِ عدة خيارات:

أن تحاولي العثور على وظيفة في بلدك متسلّحةً بالمهارات التي اكتسبتها… أو أن تحاولي الهجرة مجدداً إلى بلد آخر للعمل.
في هذه الأثناء، سيكون هناك شابات عديدات على وشك الانطلاق في الرحلة نفسها التي قمتِ بخوضها منذ سنوات.

تعملين بشكلٍ فعال ونشيط لزيادة الوعي بشأن نظام الكفالة وتحذير الشابات اللواتي يخططن للشروع في هذه الرحلة حول المخاطر وتحضيرهنّ لما يمكن توقعه في البلد الجديد.
تنضمين إلى منظمة غير حكومية تعمل على تمكين الشابات الوافدات للعمل وتدعو إلى إصلاح هذا النظام بشكل يضمن حقوقهنّ.

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin

كتابة: يوسف حاج علي
رسم: ثروة زيتون
فيديو: علي شيران، فرات شهال الركابي
تصوير فوتوغرافي: حسين بيضون
تصميم: إبراهيم شرارة
تطوير: جعفر شرارة، روان حوري
ترجمة إلى الانكليزية: صباح جلول

إشراف: إبراهيم شرارة

هذا المشروع هو جزء من المبادرة العالمية
“الشفافية وحرية الصحافة – الصمود أثناء الجائحة”.

هذا المشروع هو نتيجة ورشة عمل أقامتها أكاديمية دويتشه فيله. جميع الآراء الواردة في هذا المشروع تخصّ المؤلّفين ولا تعكس آراء مؤسسة دويتشه فيله.