بالأرقام..
الوباء والانهيار والعاملات الأجنبيات

كيف تغيرت أعداد العاملات المنزليات المهاجرات، الوافدات منهنّ أو المقيمات في لبنان، على مدى السنوات الخمس الأخيرة تحت تأثير الأزمة الاقتصادية وانتشار جائحة كورونا؟
نظرة مقارَنة بالأرقام..

شهد عام 2019 تراجعا كبيرا في عدد إجازات العمل الممنوحة لأول مرة للعاملات الأجنبيات في الخدمة المنزلية، بحسب تصنيف وزارة العمل اللبنانية، بالمقارنة مع عامي 2017 و2018

قبل الأزمة الاقتصادية التي بدأت ملامحها تظهر في الأشهر الأولى من عام 2019، بلغ عدد الإجازات الممنوحة رقمين متقاربين، زادا عن الـ70 ألف إجازة لعامي 2017 و2018.

أخذ التراجع منحى شديد الانحدار عام 2019، وهو العام الذي شهد في ثلثه الأخير انخفاضا كبيرا في سعر صرف العملة اللبنانية مقابل الدولار، وذلك في أعقاب ما بات يعرف بثورة 17 تشرين الأول.

تحت ذريعة الاحتجاجات الشعبية، وبالتزامن مع تراجع سعر الصرف والقدرة الشرائية للمواطنين والمقيمين، حالت المصارف اللبنانية دون إمكانية وصول المودعين إلى حساباتهم لديها، ووضعت في الأشهر التالية سقوفا نقدية لعمليات السحب بالعملات الأجنبية.

انعكس تراجع القدرة الشرائية والعجز عن سحب الأموال المودعة في المصارف انخفاضا في عدد الإجازات الجديدة من 70857 إجازة و76570 إجازة، عامي 2017 و2018 على التوالي، إلى 35957 إجازة عام 2019.

تابع عدد الإجازات الممنوحة لأول مرة تراجعه الحاد عام 2020، ثم استقر نسبيا عند رقم يقل عن 10 آلاف إجازة نهاية عام 2021

شهد سعر صرف الليرة اللبنانية في هذين العامين تراجعات متتالية، ليصل في حده الأقصى إلى أكثر من 20 مرة سعر الصرف الرسمي، البالغ 1500 ليرة لبنانية مقابل الدولار، بالتزامن مع انتشار فيروس كورونا الذي فرض قيودا على الحركة والسفر.

بالعودة إلى عدد إجازات العمل الجديدة في السنوات الخمس الماضية، يكشف توزع الإجازات بحسب الجنسيات، تفاوتا كبيرا في أعداد العاملات القادمات إلى لبنان.

عام 2019، بلغ عدد الإجازات الجديدة الممنوحة للعاملات الأجنبيات من الجنسية الإثيوبية 14073 إجازة، مقابل 69669 لعام 2018، أي بتراجع نسبته 79.8%، وهي تزيد عن نسبة التراجع الإجمالي في عدد الإجازات الجديدة لذلك العام، وهي 56.9%.

في المقابل، ارتفع عدد الإجازات الممنوحة لأول مرة للعاملات الأجنبيات من الجنسية الغانية إلى 7408 إجازات جديدة عام 2019، صعودا من 498 إجازة عام 2018، أي بنحو 14 ضعفًا.

كما ارتفع عدد الإجازات الجديدة الممنوحة للعاملات الأجنبيات من الجنسية الكينية من 163 إجازة إلى 824 إجازة عام 2019، أي بما يزيد عن خمسة أضعاف.

يعود هذا التفاوت في الأرقام، بين زيادة وتراجع، في جانب منه، إلى اختلاف مستويات الأجور المدفوعة للعاملات الأجنبيات بحسب اختلاف جنسياتهن، وهو ما شكل شرطا أساسيا عند فئة من اللبنانيين قررت الإبقاء على الإفادة من “الخدمة المنزلية”، في ظل أزمتها المالية، وذلك من خلال استقدام يد عاملة “رخيصة”.

لا تعكس أرقام إجازات العمل الممنوحة لأول مرة وحدها واقع العاملات الأجنبيات في لبنان، إذ تراجعت أيضا أعداد الإجازات المجددة الموافق عليها من قبل وزارة العمل، ما يعني ارتفاع نسبة العاملات اللواتي تركن لبنان، وكذلك اللواتي بتن يُقمن ويعملن بشكل “غير قانوني”.

لكن، على عكس عدد الإجازات الجديدة الذي شهد انخفاضا كبيرا عام 2019، ارتفع في هذا العام عدد الإجازات المجددة، أي تلك الممنوحة للعاملات الأجنبيات اللواتي أتين إلى لبنان في سنوات سابقة.

بالمقارنة بين عامي 2018 و2019، زاد عدد الإجازات المجددة من 129394 إجازة إلى 149535 إجازة، أي بنسبة 15.6%.

يعود هذا التناقض في أعداد الإجازات الجديدة والمجددة إلى امتناع اللبنانيين، في بدايات الأزمة الاقتصادية عن استقدام يد عاملة جديدة، في مقابل الاستمرار في تجديد الإجازات لليد العاملة المقيمة.

هذا المنحى سرعان ما سيأخذ مسارا معاكسا، مع التراجع الحاد في عدد الإجازات المجددة الموافق عليها من قبل وزارة العمل لعامي 2020 و2021.

بالمقارنة بين عام 2019، وبين عامي 2020 و2021، انخفض عدد الإجازات المجددة من 149535 إجازة، إلى 108677 إجازة و55179 إجازة على التوالي، أي بتراجع نسبته 27.3% لعام 2020، و63% لعام 2021، بالمقارنة مع عام 2019.

تزامن هذا الانخفاض الكبير مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وتراجع سعر صرف العملة اللبنانية إلى مستويات قياسية، ما أدى إلى تخلي عدد كبير من اللبنانيين عن العاملات المنزليات.

وبرزت في عامي الأزمة الاقتصادية ظاهرة تخلي بعض أصحاب العمل عن واجباتهم الأخلاقية والقانونية، حيث عمدوا إلى رمي العاملات الأجنبيات في الشوارع، من دون مأوى، وكذلك من دون جوازات السفر، وذلك لتفادي تسوية أوضاعهن وما يترتب عليهم من تكاليف مادية.

بالجمع بين الإجازات الجديدة والإجازات المجددة، يظهر منحى التراجع الإجمالي خلال الأعوام الثلاثة الماضية.

ففي عام 2019، بلغ مجموع الإجازات 182492 إجازة، ليتراجع إلى 118044 إجازة عام 2020، أي بنسبة 35.3%، ثم إلى 64925 إجازة عام 2021، أي بتراجع نسبته 64.4% بالمقارنة مع عام 2019، أو 44.9% بالمقارنة مع عام 2018.

ومع غياب الأرقام حول مغادرة العاملات الطوعية أو الترحيل بسبب الإقامة غير القانونية، يظل مجهولا عدد العاملات الأجنبيات اللواتي بقين في لبنان، من دون إجازة أو إقامة، ليدخلن سوق العمل غير النظامية.

لكن انتشار فيروس كورونا، بالتزامن مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، أدى إلى تراجع عدد العاملات غير النظاميات في “الخدمة المنزلية”، أي اللواتي يعملن لساعات محددة مقابل أجر. فمع فرض التباعد الاجتماعي وتخوف الأسر من الاختلاط مع هؤلاء “الخادمات الغريبات اللواتي سيحملن معهن المرض إلى المنازل”، وجدت العاملات الأجنبيات أنفسهن من دون موارد مالية، بعد أن فقدن عملهن وأمكنة إقاماتهن (عملهن) وأوراقهن الثبوتية.

شهد عام 2019 تراجعا كبيرا في عدد إجازات العمل الممنوحة لأول مرة للعاملات الأجنبيات في الخدمة المنزلية، بحسب تصنيف وزارة العمل اللبنانية، بالمقارنة مع عامي 2017 و2018

قبل الأزمة الاقتصادية التي بدأت ملامحها تظهر في الأشهر الأولى من عام 2019، بلغ عدد الإجازات الممنوحة رقمين متقاربين، زادا عن الـ70 ألف إجازة لعامي 2017 و2018.

أخذ التراجع منحى شديد الانحدار عام 2019، وهو العام الذي شهد في ثلثه الأخير انخفاضا كبيرا في سعر صرف العملة اللبنانية مقابل الدولار، وذلك في أعقاب ما بات يعرف بثورة 17 تشرين الأول.

تحت ذريعة الاحتجاجات الشعبية، وبالتزامن مع تراجع سعر الصرف والقدرة الشرائية للمواطنين والمقيمين، حالت المصارف اللبنانية دون إمكانية وصول المودعين إلى حساباتهم لديها، ووضعت في الأشهر التالية سقوفا نقدية لعمليات السحب بالعملات الأجنبية.

في هذه الأعوام الثلاثة، تراجع عدد الإجازات الجديدة من 70857 و76570، عامي 2017 و2018 على التوالي، إلى 35957 عام 2019.

تابع عدد الإجازات الممنوحة لأول مرة تراجعه الحاد عام 2020، ثم استقر نسبيا عند رقم يقل عن 10 آلاف إجازة نهاية عام 2021

شهد سعر صرف الليرة اللبنانية في هذين العامين تراجعات متتالية، ليصل في حده الأقصى إلى أكثر من 20 مرة سعر الصرف الرسمي، البالغ 1500 ليرة لبنانية مقابل الدولار، بالتزامن مع انتشار فيروس كورونا الذي فرض قيودا على الحركة والسفر.

بالعودة إلى عدد إجازات العمل الجديدة في السنوات الخمس الماضية، يكشف توزع الإجازات بحسب الجنسيات، تفاوتا كبيرا في أعداد العاملات القادمات إلى لبنان.

عام 2019، بلغ عدد الإجازات الجديدة الممنوحة للعاملات الأجنبيات من الجنسية الإثيوبية 14073 إجازة، مقابل 69669 لعام 2018، أي بتراجع نسبته 79.8%، وهي تزيد عن نسبة التراجع الإجمالي في عدد الإجازات الجديدة لذلك العام، وهي 56.9%.

في المقابل، ارتفع عدد الإجازات الممنوحة لأول مرة للعاملات الأجنبيات من الجنسية الغانية إلى 7408 إجازات جديدة عام 2019، صعودا من 498 إجازة عام 2018، أي بنحو 14 ضعفًا.

كما ارتفع عدد الإجازات الجديدة الممنوحة للعاملات الأجنبيات من الجنسية الكينية من 163 إجازة إلى 824 إجازة عام 2019، أي بما يزيد عن خمسة أضعاف.

يعود هذا التفاوت في الأرقام، بين زيادة وتراجع، في جانب منه، إلى اختلاف مستويات الأجور المدفوعة للعاملات الأجنبيات بحسب اختلاف جنسياتهن، وهو ما شكل شرطا أساسيا عند فئة من اللبنانيين قررت الإبقاء على الإفادة من “الخدمة المنزلية”، في ظل أزمتها المالية، وذلك من خلال استقدام يد عاملة “رخيصة”.

لا تعكس أرقام إجازات العمل الممنوحة لأول مرة وحدها واقع العاملات الأجنبيات في لبنان، إذ تراجعت أيضا أعداد الإجازات المجددة الموافق عليها من قبل وزارة العمل، ما يعني ارتفاع نسبة العاملات اللواتي تركن لبنان، وكذلك اللواتي بتن يُقمن ويعملن بشكل “غير قانوني”.

لكن، على عكس عدد الإجازات الجديدة الذي شهد انخفاضا كبيرا عام 2019، ارتفع في هذا العام عدد الإجازات المجددة، أي تلك الممنوحة للعاملات الأجنبيات اللواتي أتين إلى لبنان في سنوات سابقة.

بالمقارنة بين عامي 2018 و2019، زاد عدد الإجازات المجددة من 129394 إلى 149535 إجازة، أي بنسبة 15.6%.

يعود هذا التناقض في أعداد الإجازات الجديدة والمجددة إلى امتناع اللبنانيين، في بدايات الأزمة الاقتصادية عن استقدام يد عاملة جديدة، في مقابل الاستمرار في تجديد الإجازات لليد العاملة المقيمة.

هذا المنحى سرعان ما سيأخذ مسارا معكوسا، مع التراجع الحاد في عدد الإجازات المجددة الموافق عليها من قبل وزارة العمل لعامي 2020 و2021.

بالمقارنة بين عام 2019، وبين عامي 2020 و2021، انخفض عدد الإجازات المجددة من 149535 إجازة، إلى 108677 إجازة و55179 إجازة على التوالي.

تزامن هذا الانخفاض الكبير مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وتراجع سعر صرف العملة اللبنانية إلى مستويات قياسية، ما أدى إلى تخلي عدد كبير من اللبنانيين عن العاملات المنزليات.

وبرزت في عامي الأزمة الاقتصادية ظاهرة تخلي بعض أصحاب العمل عن واجباتهم الأخلاقية والقانونية، حيث عمدوا إلى رمي العاملات الأجنبيات في الشوارع، من دون مأوى، وكذلك من دون جوازات السفر، وذلك لتفادي تسوية أوضاعهن وما يترتب عليهم من تكاليف مادية.

بالجمع بين الإجازات الجديدة والإجازات المجددة، يظهر منحى التراجع الإجمالي خلال الأعوام الثلاثة الماضية.

ففي عام 2019، بلغ مجموع الإجازات 182492 إجازة، ليتراجع إلى 118044 إجازة عام 2020، أي بنسبة 35.3%، ثم إلى 64925 إجازة عام 2021، أي بتراجع نسبته 64.4% بالمقارنة مع عام 2019، أو 44.9% بالمقارنة مع عام 2018.

ومع غياب الأرقام حول مغادرة العاملات الطوعية أو الترحيل بسبب الإقامة غير القانونية، يظل مجهولا عدد العاملات الأجنبيات اللواتي بقين في لبنان، من دون إجازة أو إقامة، ليدخلن سوق العمل غير النظامية.

لكن انتشار فيروس كورونا، بالتزامن مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، أدى إلى تراجع عدد العاملات غير النظاميات في “الخدمة المنزلية”، أي اللواتي يعملن لساعات محددة مقابل أجر. فمع فرض التباعد الاجتماعي وتخوف الأسر من الاختلاط مع هؤلاء “الخادمات الغريبات اللواتي سيحملن معهن المرض إلى المنازل”، وجدت العاملات الأجنبيات أنفسهن من دون موارد مالية، بعد أن فقدن عملهن وأمكنة إقاماتهن (عملهن) وأوراقهن الثبوتية.

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin

كتابة: يوسف حاج علي
رسم: ثروة زيتون
فيديو: علي شيران، فرات شهال الركابي
تصوير فوتوغرافي: حسين بيضون
تصميم: إبراهيم شرارة
تطوير: جعفر شرارة، روان حوري
ترجمة إلى الانكليزية: صباح جلول

إشراف: إبراهيم شرارة

هذا المشروع هو جزء من المبادرة العالمية
“الشفافية وحرية الصحافة – الصمود أثناء الجائحة”.

هذا المشروع هو نتيجة ورشة عمل أقامتها أكاديمية دويتشه فيله. جميع الآراء الواردة في هذا المشروع تخصّ المؤلّفين ولا تعكس آراء مؤسسة دويتشه فيله.